بقلم: عصام عبد الرحمن
حصار رهيب محيط صامت، لا يستحي من الجهر بدعم الجريمة، هذا هو وضع أهلنا في غزة.. كم من مشهدٍ هزَّ المشاعر الزائفة لعالمٍ زائف!!.. تماثيل بوذا حرَّكت كل العالم ذات يومٍ، وتحوَّلت إلى قضيةٍ إنسانيةٍ رغم أن الأمرَ يتعلق بتماثيل من حجر!!، ويتحرَّك العالم أكثر من مرةٍ لإنقاذ رهائن ما في العراق وفي أفغانستان.. تُرى مَن ينقذ رهائننا في غزة من قبضة احتلالٍ لا يرحم؟! مَن يتألَّم لمئاتِ الآلاف من الفلسطينيين في القطاع؟!.
لقد خيَّم الصمتُ علينا واكتفَيْنا بمتابعة أخبار المجازر في غزة عن طريق الفضائيات.. أهذا أقصى ما يمكن أن يُقدَّم لشعبٍ تحت القصف وتحت الحصار؟!.
أين الضمير الإنساني؟! أين الحكومات العربية التي تسارع للتنديد بصواريخ حماس والجهاد؟! أين عروبتنا؟! أين مواثيق الدفاع المشترك؟! أين التزامنا الأخلاقي والديني والقومي تجاه فلسطين؟! ولماذا تحرص الحكومات العربية على الالتزام بمعاهدات "السلام" المزعوم مع اليهود وتتحاشى مجرد التضامن مع الفلسطينيين في قطاع غزة؟!.
كم أصبحت دماؤنا رخيصةً بلا ثمن يا أهلَنا في غزة!!.. ذنبكم ليس لأنكم من سكان هذه الأرض المقدسة، إنه ذنب هذه الأنظمة التي تتاجر بالقضية من محيط أرضنا إلى خليجها.
وصدق قول الشاعر أحمد مطر في حكامنا حين قال:
وصفوا لي حاكمًا
لم يقترف منذ زمان فتنةً أو مذبحة
لم يكذب.. لم يخن.. لم يطلق النار على من ذمَّه
لم ينثر المال على مَن مدحه
لم يضع فوق فم دبابة
لم يذدرع تحت ضمير كاسحة
لم يجر.. لم يضطرب.. لم يختبئ من شعبه
خلف جبال الأسلحة
هو شعبيٌّ
ومأواه بسيط
مثل مأوى الطبقات الكادحة
زرتُ مأواه البسيط البارحة، وقرأت الفاتحة
فبعد زيارة الرئيس الصهيوأمريكي (بوش) للمنطقة وإملاءاته التي أملاها على الحكام العرب، لم يكن من الأنظمة العربية ما تقوم بها الآن من صمت القبور، ومن عجزها في أن تُرسل جيوشها وطائراتها لتدافع عن قطاع غزة، أو حتى تمدها بالطعام والدواء؛ فهي أعجز من أن تفعل ذلك؛ فقد أملى الرئيس الصهيوني (بوش) للأنظمة الحاكمة في البلاد التي زارها كل ما يستطيع أن يفعله، وكما نعلم جميعًا فهو صاحب قضية ويُحارب من أجلها، ألا وهي حربه الصليبية على الإسلام!!.
لا حاجةَ للكثيرِ من الكلام المنمق؛ فنحن لا نُحمِّل المسئوليةَ للصهاينة الذين يحاربون عدوهم بعد أن رفض الاستكانة لشروطهم كما استكان الآخرون، ولا تقع على المجتمع الدولي المنافق الذي تعوَّدنا انحيازه للدولة العبرية، بل نحمِّلها كاملةً لحكامنا خائني غزة، خائني الإسلام، في الوقت الذي يجول بوش في صحاري العرب ويصول، ويُقبَّل على وجنتيه الباردة من شفاه الزعماء العرب ويراقصونه على أنغام موسيقاهم، وأمام الصمت الدولي وغضِّ البصر على المجازر التي ترتكبها عصابات الصهيونية.
هذا أمرٌ لا يتوافق وحروب الغرب على ما يُسمونه الإرهاب، وكذلك شعارات منظمات حقوق الإنسان وتقارير منظمات الأمم المتحدة تبدو أنها تقيس بمقاييس.. فهل أهلنا في غزة لا تنطبق عليهم إنسانية الغرب؟! أم لا يستحقون الحياة؟!!
تعاطف الغرب مع مجازر النازية ضد اليهود، وصنعوا لهم كيانًا مغتصبًا في أرضِ العرب، وقدَّموا لهم الدعم والعون، وخُوِّل مجلس الأمن بحمايتهم من أي قرارٍ يُدين همجيتهم وعسفهم.. فماذا يستطيع سكان غزة فعله؟!!.
الدم الطاهر في غزة أغرق الشطآن، وجرائم المحتل يعجز عن وصفها اللسان.. أشلاؤنا في غزة تتناثر وتملئ الأركان، وحمم القذائف المجنونة لا تفرق بين شيبٍ وشبان، الثكالى يندبن الأحبةَ بصوتٍ تقشعر له الأبدان، هكذا الصورة في غزة؛ حيث يوأد الإنسان، وحيث يدفع الفلسطيني ثمن رفضه الأبدي للإذعان!!.
أرض غزة لم يعد فيها للأموات مكان، أرض غزة لم يعد فيها أمن ولا أمان، الأمل يتلاشى كغيمة حزيران، والجوع والفقر بالناس يفتكان.
وكذا الأوبئة؛ تنتزع الأرواح بيسرٍ من الأبدان، وحقد المحتلين تفجَّر مجنونًا كالبركان، لا حدودَ لبطشه حتى غدا طوفان، مستغلاً صمت الحكام العرب، ومتسلحًا بالدعم الذي ناله من رئيس الأمريكان!!.
يا أيها الحكام.. تمردوا، اغضبوا مرةً، أو فارحلوا عنا؛ فقد مللنا التفاوض، فقد مللنا الذل، أو ابعدوا الوهن من قلوبكم إلى الأبد.. قولوا لا للتفاوض حتى يحقن دمنا، واصمدوا.. قولوا لا لن نُفاوض، حتى يوقفوا الاستيطان والجدار، وتشددوا، ومع صوتِ شعبكم توحدوا.
يا أيها الحكام.. تمردوا وقولوا للعالم "دمنا أثمن من ملياراتكم"، "حقوقنا ليست في مزادكم سلعةً"، وسيروا على درب الكرامة بلا رجعة، وكونوا بوجه الضغوطِ مثل قلعة، وهكذا تشعلون لشعبكم شمعة، وتعطون لمسيرةِ النضال دفعة؛ كي لا تنزل من عيون أمهاتنا دمعة.
يا أيها الحكام.. تمردوا، يا سادتي الكبار.. شعبكم يموت تحت الحصار، خذوا القرار، أوقفوا التفاوض والحوار؛ حتى يتوقف القتل والدمار، ويتوقف الاستيطان والجدار، صلبوا المواقف وأظهروا الإصرار، رصوا الصفوف وانفضوا الغبار؛ فلدى شعبنا أكثر من خيار، سيكون شعبكم أمامكم، فاتخذوا القرار، لا تخافوا؛ صدورنا فدائكم، فتحرروا من مفاوضتكم، تحرروا من ذلكم، تحرروا، فكوا قيود الذل عنكم، فلا تخذلوا شعوبكم.
يا أيها الحكام.. اغضبوا؛ فعدونا لا يفكر في السلام، وغايته منا الخضوع والاستسلام، وبالتفاوض يُجرجرنا للانهزام، فسيروا للأمام، وأنهوا الشرذمةَ والانقسام.
يا سادتي.. اغضبوا ولو مرةً، واكسروا ذل التفاوض ولو مرة؛ فوالله لن تندموا؛ لأن شعوبكم من ورائكم تزأر.
يا أيها الحكام.. أين عزتكم؟! أين نخوتكم؟! أين أنتم مما يحدث في غزة؟! ألم تسمعوا صراخ الأطفال؟! أليسوا كأطفالكم؟! ألم تسمعوا صوت حرائر غزة وهم يستغيثون بكم؟! لِمَ الصمت يا حكامنا؟! أخائفون من أمريكا؟!، سُحقًا لأمريكا وسُحقًا لإسرائيل، أخائفون على كراسيكم؟!، فسحقًا لهذه الكراسي التي أذلتكم، أخائفون على شعبكم؟! اتركوا الشعب يُعبِّر عن نفسه.
يا حكامنا.. ألسنا بمسلمين وأليسوا بمسلمين؟! لِمَ الخنوع والذل من الكفار؟! من الإرهابيين؟! من مصاصي الدماء؟!.
اسمعوها عاليةً؛ إنها صرخة من أهل غزة إلى الشعوب المسلمة، إلى متى الصمت؟! ألم تسمعوا بضحايا غزة؟! ألم تسمعوا بأنين مرضاهم؟! ألم تسمعوا بصرخاتِ جراحهم؟!
تخيَّلوا وأنتم تعيشون في قصوركم بدون كهرباء وبدون ماء.. أتتخيلون ذلك؟!، بل أكثر من ذلك؛ كيف سيكون إحساسكم وأنت تموتون من البرد القارس بدون تدفئة؟! تخيلتم كيف تعيشون والدنيا حولكم ظلماء؟!.. هي ستكون كذلك عليكم يوم القيامة، هي ستكون كذلك عليكم في قبوركم.
يا حكامنا.. أضيئوا غزةَ لكي تُضاء لكم قبوركم.
بالله عليكم، نستحلفكم فكوا حصار غزة ولا تخافوا؛ نحن الشعوب العربية من أمامكم نصد عنكم، وسنكون لكم حائطًا صلبًا ضد كل شيء وأي شيء.
يا الله يا الله يا الله.. كُنْ مع أهلنا يا الله، إنا نعتذر عن تهاوننا وتقصيرنا، يا الله فرِّج عنهم وكن معهم يا الله؛ إنهم محاصرون، ففك حصارهم.. ليس إلا بسببِ أنهم قالوا لليهود والأمريكان "لا".
محطات قصيرة
المحطة الأولى: فاجأ اللاعب المصري الموهوب محمد أبو تريكة جميع من شاهد مباراة مصر والسودان في بطولة أفريقيا والمقامة الآن في غانا بموقفٍ هو غاية في النبل والكرم والمروءة والنجدة؛ إذ رفع اللاعب "فانلته" بعد إحرازه هدفه الأول ليجد المشاهدون أنفسهم أمام "تي شيرت" أبو تريكة الآخر، والذي حمل عبارة (تعاطفًا مع غزة).
وهو ما جعل الكثيرين يعلِّقون على تلك الفعلة ويردُّونها إلى أخلاقيات اللاعب الموهوب وإحساسه المرهف بقضايا أمته!!.
والحقيقة أن موقف أبو تريكة ينمُّ عن نُبل شخصيته، ولعل موقفه هذا ذكَّرني بموقف المحالين الذين طالبوا هيئة المحكمة العسكرية في خطابٍ تلوه عليهم أن يسمحوا لهم بالخروج ليقفوا مع إخوانهم في غزة، ووعدوهم بالعودة بعد أن يحرِّروا فلسطين من الصهاينة إن بقي منهم أحد حيًّا.
المحطة الثانية: أسأل الله العافية والحرية لكلِّ مَن نصر قضايا المسلمين وكل مَن تحرَّك لنصرةِ غزة العزة.. هنيئًا لكلِّ مَن اعتُقِلَ وحُبِسَ من أجل فلسطين ومن أجل الأقصى ومن أجل الشهداء ومن أجل المُحَاصَرِين الجياع والمرضي!!، هنيئًا لمَن رفض أن تُقتَل غزة بدمٍ بارد!!، هنيئًا لعبد الفتاح، وللزعفراني، ورفاقهم الأبطال.. ولا نامت أعين الجبناء.
المحطة الثالثة: عباس يُعلن صراحةً أن سلطته والكيان الصهيوني يقفان معًا في وجه "حماس"، ولا حياء للعملاء!!.
المحطة الرابعة: تحيةً لأهل غزة وللمقاومة في غزة، تحيةً للذين علَّموا كل الأمة كيف تكون الخطوات الوحدوية، وكيف يكون تجاوز الخطوط الحمراء التي فرضتها الأنظمة أو الطرف الأمريكي- الصهيوني!!.
تحيةً للجماهير المصرية التي احتضنت غزة، ولعبت دورًا لا يقل أهميةً في فتح "الحدود" معها، وأثبتت أن الضغط الشعبي العربي يمكن أن يُثمر نتائج سياسيةً مفيدةً وفعَّالةً، بدون تقديم تنازلاتٍ مبدئية.
حصار رهيب محيط صامت، لا يستحي من الجهر بدعم الجريمة، هذا هو وضع أهلنا في غزة.. كم من مشهدٍ هزَّ المشاعر الزائفة لعالمٍ زائف!!.. تماثيل بوذا حرَّكت كل العالم ذات يومٍ، وتحوَّلت إلى قضيةٍ إنسانيةٍ رغم أن الأمرَ يتعلق بتماثيل من حجر!!، ويتحرَّك العالم أكثر من مرةٍ لإنقاذ رهائن ما في العراق وفي أفغانستان.. تُرى مَن ينقذ رهائننا في غزة من قبضة احتلالٍ لا يرحم؟! مَن يتألَّم لمئاتِ الآلاف من الفلسطينيين في القطاع؟!.
لقد خيَّم الصمتُ علينا واكتفَيْنا بمتابعة أخبار المجازر في غزة عن طريق الفضائيات.. أهذا أقصى ما يمكن أن يُقدَّم لشعبٍ تحت القصف وتحت الحصار؟!.
أين الضمير الإنساني؟! أين الحكومات العربية التي تسارع للتنديد بصواريخ حماس والجهاد؟! أين عروبتنا؟! أين مواثيق الدفاع المشترك؟! أين التزامنا الأخلاقي والديني والقومي تجاه فلسطين؟! ولماذا تحرص الحكومات العربية على الالتزام بمعاهدات "السلام" المزعوم مع اليهود وتتحاشى مجرد التضامن مع الفلسطينيين في قطاع غزة؟!.
كم أصبحت دماؤنا رخيصةً بلا ثمن يا أهلَنا في غزة!!.. ذنبكم ليس لأنكم من سكان هذه الأرض المقدسة، إنه ذنب هذه الأنظمة التي تتاجر بالقضية من محيط أرضنا إلى خليجها.
وصدق قول الشاعر أحمد مطر في حكامنا حين قال:
وصفوا لي حاكمًا
لم يقترف منذ زمان فتنةً أو مذبحة
لم يكذب.. لم يخن.. لم يطلق النار على من ذمَّه
لم ينثر المال على مَن مدحه
لم يضع فوق فم دبابة
لم يذدرع تحت ضمير كاسحة
لم يجر.. لم يضطرب.. لم يختبئ من شعبه
خلف جبال الأسلحة
هو شعبيٌّ
ومأواه بسيط
مثل مأوى الطبقات الكادحة
زرتُ مأواه البسيط البارحة، وقرأت الفاتحة
فبعد زيارة الرئيس الصهيوأمريكي (بوش) للمنطقة وإملاءاته التي أملاها على الحكام العرب، لم يكن من الأنظمة العربية ما تقوم بها الآن من صمت القبور، ومن عجزها في أن تُرسل جيوشها وطائراتها لتدافع عن قطاع غزة، أو حتى تمدها بالطعام والدواء؛ فهي أعجز من أن تفعل ذلك؛ فقد أملى الرئيس الصهيوني (بوش) للأنظمة الحاكمة في البلاد التي زارها كل ما يستطيع أن يفعله، وكما نعلم جميعًا فهو صاحب قضية ويُحارب من أجلها، ألا وهي حربه الصليبية على الإسلام!!.
لا حاجةَ للكثيرِ من الكلام المنمق؛ فنحن لا نُحمِّل المسئوليةَ للصهاينة الذين يحاربون عدوهم بعد أن رفض الاستكانة لشروطهم كما استكان الآخرون، ولا تقع على المجتمع الدولي المنافق الذي تعوَّدنا انحيازه للدولة العبرية، بل نحمِّلها كاملةً لحكامنا خائني غزة، خائني الإسلام، في الوقت الذي يجول بوش في صحاري العرب ويصول، ويُقبَّل على وجنتيه الباردة من شفاه الزعماء العرب ويراقصونه على أنغام موسيقاهم، وأمام الصمت الدولي وغضِّ البصر على المجازر التي ترتكبها عصابات الصهيونية.
هذا أمرٌ لا يتوافق وحروب الغرب على ما يُسمونه الإرهاب، وكذلك شعارات منظمات حقوق الإنسان وتقارير منظمات الأمم المتحدة تبدو أنها تقيس بمقاييس.. فهل أهلنا في غزة لا تنطبق عليهم إنسانية الغرب؟! أم لا يستحقون الحياة؟!!
تعاطف الغرب مع مجازر النازية ضد اليهود، وصنعوا لهم كيانًا مغتصبًا في أرضِ العرب، وقدَّموا لهم الدعم والعون، وخُوِّل مجلس الأمن بحمايتهم من أي قرارٍ يُدين همجيتهم وعسفهم.. فماذا يستطيع سكان غزة فعله؟!!.
الدم الطاهر في غزة أغرق الشطآن، وجرائم المحتل يعجز عن وصفها اللسان.. أشلاؤنا في غزة تتناثر وتملئ الأركان، وحمم القذائف المجنونة لا تفرق بين شيبٍ وشبان، الثكالى يندبن الأحبةَ بصوتٍ تقشعر له الأبدان، هكذا الصورة في غزة؛ حيث يوأد الإنسان، وحيث يدفع الفلسطيني ثمن رفضه الأبدي للإذعان!!.
أرض غزة لم يعد فيها للأموات مكان، أرض غزة لم يعد فيها أمن ولا أمان، الأمل يتلاشى كغيمة حزيران، والجوع والفقر بالناس يفتكان.
وكذا الأوبئة؛ تنتزع الأرواح بيسرٍ من الأبدان، وحقد المحتلين تفجَّر مجنونًا كالبركان، لا حدودَ لبطشه حتى غدا طوفان، مستغلاً صمت الحكام العرب، ومتسلحًا بالدعم الذي ناله من رئيس الأمريكان!!.
يا أيها الحكام.. تمردوا، اغضبوا مرةً، أو فارحلوا عنا؛ فقد مللنا التفاوض، فقد مللنا الذل، أو ابعدوا الوهن من قلوبكم إلى الأبد.. قولوا لا للتفاوض حتى يحقن دمنا، واصمدوا.. قولوا لا لن نُفاوض، حتى يوقفوا الاستيطان والجدار، وتشددوا، ومع صوتِ شعبكم توحدوا.
يا أيها الحكام.. تمردوا وقولوا للعالم "دمنا أثمن من ملياراتكم"، "حقوقنا ليست في مزادكم سلعةً"، وسيروا على درب الكرامة بلا رجعة، وكونوا بوجه الضغوطِ مثل قلعة، وهكذا تشعلون لشعبكم شمعة، وتعطون لمسيرةِ النضال دفعة؛ كي لا تنزل من عيون أمهاتنا دمعة.
يا أيها الحكام.. تمردوا، يا سادتي الكبار.. شعبكم يموت تحت الحصار، خذوا القرار، أوقفوا التفاوض والحوار؛ حتى يتوقف القتل والدمار، ويتوقف الاستيطان والجدار، صلبوا المواقف وأظهروا الإصرار، رصوا الصفوف وانفضوا الغبار؛ فلدى شعبنا أكثر من خيار، سيكون شعبكم أمامكم، فاتخذوا القرار، لا تخافوا؛ صدورنا فدائكم، فتحرروا من مفاوضتكم، تحرروا من ذلكم، تحرروا، فكوا قيود الذل عنكم، فلا تخذلوا شعوبكم.
يا أيها الحكام.. اغضبوا؛ فعدونا لا يفكر في السلام، وغايته منا الخضوع والاستسلام، وبالتفاوض يُجرجرنا للانهزام، فسيروا للأمام، وأنهوا الشرذمةَ والانقسام.
يا سادتي.. اغضبوا ولو مرةً، واكسروا ذل التفاوض ولو مرة؛ فوالله لن تندموا؛ لأن شعوبكم من ورائكم تزأر.
يا أيها الحكام.. أين عزتكم؟! أين نخوتكم؟! أين أنتم مما يحدث في غزة؟! ألم تسمعوا صراخ الأطفال؟! أليسوا كأطفالكم؟! ألم تسمعوا صوت حرائر غزة وهم يستغيثون بكم؟! لِمَ الصمت يا حكامنا؟! أخائفون من أمريكا؟!، سُحقًا لأمريكا وسُحقًا لإسرائيل، أخائفون على كراسيكم؟!، فسحقًا لهذه الكراسي التي أذلتكم، أخائفون على شعبكم؟! اتركوا الشعب يُعبِّر عن نفسه.
يا حكامنا.. ألسنا بمسلمين وأليسوا بمسلمين؟! لِمَ الخنوع والذل من الكفار؟! من الإرهابيين؟! من مصاصي الدماء؟!.
اسمعوها عاليةً؛ إنها صرخة من أهل غزة إلى الشعوب المسلمة، إلى متى الصمت؟! ألم تسمعوا بضحايا غزة؟! ألم تسمعوا بأنين مرضاهم؟! ألم تسمعوا بصرخاتِ جراحهم؟!
تخيَّلوا وأنتم تعيشون في قصوركم بدون كهرباء وبدون ماء.. أتتخيلون ذلك؟!، بل أكثر من ذلك؛ كيف سيكون إحساسكم وأنت تموتون من البرد القارس بدون تدفئة؟! تخيلتم كيف تعيشون والدنيا حولكم ظلماء؟!.. هي ستكون كذلك عليكم يوم القيامة، هي ستكون كذلك عليكم في قبوركم.
يا حكامنا.. أضيئوا غزةَ لكي تُضاء لكم قبوركم.
بالله عليكم، نستحلفكم فكوا حصار غزة ولا تخافوا؛ نحن الشعوب العربية من أمامكم نصد عنكم، وسنكون لكم حائطًا صلبًا ضد كل شيء وأي شيء.
يا الله يا الله يا الله.. كُنْ مع أهلنا يا الله، إنا نعتذر عن تهاوننا وتقصيرنا، يا الله فرِّج عنهم وكن معهم يا الله؛ إنهم محاصرون، ففك حصارهم.. ليس إلا بسببِ أنهم قالوا لليهود والأمريكان "لا".
محطات قصيرة
المحطة الأولى: فاجأ اللاعب المصري الموهوب محمد أبو تريكة جميع من شاهد مباراة مصر والسودان في بطولة أفريقيا والمقامة الآن في غانا بموقفٍ هو غاية في النبل والكرم والمروءة والنجدة؛ إذ رفع اللاعب "فانلته" بعد إحرازه هدفه الأول ليجد المشاهدون أنفسهم أمام "تي شيرت" أبو تريكة الآخر، والذي حمل عبارة (تعاطفًا مع غزة).
وهو ما جعل الكثيرين يعلِّقون على تلك الفعلة ويردُّونها إلى أخلاقيات اللاعب الموهوب وإحساسه المرهف بقضايا أمته!!.
والحقيقة أن موقف أبو تريكة ينمُّ عن نُبل شخصيته، ولعل موقفه هذا ذكَّرني بموقف المحالين الذين طالبوا هيئة المحكمة العسكرية في خطابٍ تلوه عليهم أن يسمحوا لهم بالخروج ليقفوا مع إخوانهم في غزة، ووعدوهم بالعودة بعد أن يحرِّروا فلسطين من الصهاينة إن بقي منهم أحد حيًّا.
المحطة الثانية: أسأل الله العافية والحرية لكلِّ مَن نصر قضايا المسلمين وكل مَن تحرَّك لنصرةِ غزة العزة.. هنيئًا لكلِّ مَن اعتُقِلَ وحُبِسَ من أجل فلسطين ومن أجل الأقصى ومن أجل الشهداء ومن أجل المُحَاصَرِين الجياع والمرضي!!، هنيئًا لمَن رفض أن تُقتَل غزة بدمٍ بارد!!، هنيئًا لعبد الفتاح، وللزعفراني، ورفاقهم الأبطال.. ولا نامت أعين الجبناء.
المحطة الثالثة: عباس يُعلن صراحةً أن سلطته والكيان الصهيوني يقفان معًا في وجه "حماس"، ولا حياء للعملاء!!.
المحطة الرابعة: تحيةً لأهل غزة وللمقاومة في غزة، تحيةً للذين علَّموا كل الأمة كيف تكون الخطوات الوحدوية، وكيف يكون تجاوز الخطوط الحمراء التي فرضتها الأنظمة أو الطرف الأمريكي- الصهيوني!!.
تحيةً للجماهير المصرية التي احتضنت غزة، ولعبت دورًا لا يقل أهميةً في فتح "الحدود" معها، وأثبتت أن الضغط الشعبي العربي يمكن أن يُثمر نتائج سياسيةً مفيدةً وفعَّالةً، بدون تقديم تنازلاتٍ مبدئية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق