بقلم- عصام عبد الرحمن
كان يا ما كان، في زمن الفلتان، لما مات حاكم البلاد، تم تولّيه رئاسة الصولجان إلى حين اجتماع أهل الحل والعقد- مجلس الصولجان- الذي قرَّر بالإجماع اختيار ولهان حاكمًا للبلاد؛ لأنه يتمتع بصحة جيدة ومتينة، ولأنه لا يعرف شيئًا عن فنون الحكم وألاعيب السياسة إلا العمالة وجمع الثروة الثمينة.
ولما تولى ولهان الحكم اكتشف أن الحاكم الذي قبله كان لصًّا، فأفزعته المفاجأة، وازداد فزعًا حين اكتشف أيضًا أن كل أهل الحل والربط- مجلس الصولجان المزوَّر- لصوص، فقرر أن يصارحهم بكل ما عرف عنهم في الاجتماع الدوري لمجلسهم، ولكنه لما دخل القاعة أصابَه الخجل؛ لأنه لم ينتبه إلى لوحة كبيرة فوق كرسي الرئيس مكتوبًا عليها "يا عزيزي كلنا لصوص"، فتعلم أول درس في حياته الجديدة؛ مما مهَّد له ولأولاده تكوين ثروات عديدة.
وبلا مقدمات بدأ الحاكم ولهان الاجتماع الدوري قائلاً: "يا أبناء اللصوص والهجَّامين، سرقتم كل بيت المال- خزانة الدولة- ولم يبقَ شيء".
قالوا: يا مولانا.. يا ريس.. لا تخف، فكل شيء عندنا محسوب، ولا بركة لنا إلا بك.
قال: كيف؟ والخزانة خاوية ونحن مدينون للجميع بالبلايين؟!
قالوا: لكل عقدة حلّ.. نبيع القطاع العام ومرافق الدولة لسداد الديون.
قال: يا أولاد الـ.. ألا تخافون الله؟!
قالوا: لا دين في السياسة، ولا سياسة في الدين.
اقتنع ولهان بالفكرة، وبدأ في بيع أهم مؤسسات ومرافق البلد، وباع الشركات والمصانع، ومنها محلج القطن، ثم بالعربخانة ثم السلخانة فالشفخانة، إلى أن جاء دور المسجد، فتردَّد قليلاً ولكنه مضى وقرَّر بيع تذاكر دخول للسائحين والسائحات بالشورتات إلى بيوت الله.
ولم يبقَ في المدينة شيءٌ إلا بأجر عدا الهواء، فعاش الشعب فترةً من الزمن في ظلِّ الفقر المدقِع، لا يأكلون إلا الفول المسوَّس وما شابهه من الأغذية الفاسدة، ولا يشربون إلا مياهًا مخلوطةً بمياه الصرف الصحي والكيماويات.. كل هذا بشقِّ الأنفس فقط يتنفَّسون.
فقرَّر الحاكم ولهان بيعَ الهواء للشعب الغلبان، فاعترض أهل الحل والعقد بشدة، وقالوا: من واجبنا إيقاف المهزلة.
قال لهم: لكم الثلث ولي الثلثان.
قالوا: على البركة، ولكن علينا إقناع الناس.
قال: نسميها زكاة الهواء، وهي معروفة في الشرع الحنيف، وشيخنا على ما أقول شهيد.
فقامت وسائل الإعلام تهلل وتقول: قرَّر مولانا الحاكم تطبيق الشريعة الإسلامية وإحياء فريضة زكاة الهواء، على الرجل في كل يوم وليلة جنيهان، وعلى المرأة جنيه، وعلى الطفل نصف جنيه.
وامتنع الناس عن التنفس فماتوا الواحد تلو الآخر، فقرَّر الحاكم ولهان بيع أعضائهم لدول غنية، فعاد أهل الحل والعقد للاحتجاج، وقالوا: لن نوافق إلا بعد تحديد واضح لمعنى الموت، هل هو الموت الحقيقي أم الإكلينيكي؟! فقال الحاكم ولهان: هو الموت الذي يجلب المال!!
وصارت البلد قبلةً للحانوتية وتجَّار الأعضاء، وامتلأت الخزانة بالمال، وانتهت أزمة السكان، فقد خلت البلد من السكان إلا من الحاكم ولهان وأهل بيته، وأهل الحل والربط، والغربان.
كان يا ما كان، في زمن الفلتان، لما مات حاكم البلاد، تم تولّيه رئاسة الصولجان إلى حين اجتماع أهل الحل والعقد- مجلس الصولجان- الذي قرَّر بالإجماع اختيار ولهان حاكمًا للبلاد؛ لأنه يتمتع بصحة جيدة ومتينة، ولأنه لا يعرف شيئًا عن فنون الحكم وألاعيب السياسة إلا العمالة وجمع الثروة الثمينة.
ولما تولى ولهان الحكم اكتشف أن الحاكم الذي قبله كان لصًّا، فأفزعته المفاجأة، وازداد فزعًا حين اكتشف أيضًا أن كل أهل الحل والربط- مجلس الصولجان المزوَّر- لصوص، فقرر أن يصارحهم بكل ما عرف عنهم في الاجتماع الدوري لمجلسهم، ولكنه لما دخل القاعة أصابَه الخجل؛ لأنه لم ينتبه إلى لوحة كبيرة فوق كرسي الرئيس مكتوبًا عليها "يا عزيزي كلنا لصوص"، فتعلم أول درس في حياته الجديدة؛ مما مهَّد له ولأولاده تكوين ثروات عديدة.
وبلا مقدمات بدأ الحاكم ولهان الاجتماع الدوري قائلاً: "يا أبناء اللصوص والهجَّامين، سرقتم كل بيت المال- خزانة الدولة- ولم يبقَ شيء".
قالوا: يا مولانا.. يا ريس.. لا تخف، فكل شيء عندنا محسوب، ولا بركة لنا إلا بك.
قال: كيف؟ والخزانة خاوية ونحن مدينون للجميع بالبلايين؟!
قالوا: لكل عقدة حلّ.. نبيع القطاع العام ومرافق الدولة لسداد الديون.
قال: يا أولاد الـ.. ألا تخافون الله؟!
قالوا: لا دين في السياسة، ولا سياسة في الدين.
اقتنع ولهان بالفكرة، وبدأ في بيع أهم مؤسسات ومرافق البلد، وباع الشركات والمصانع، ومنها محلج القطن، ثم بالعربخانة ثم السلخانة فالشفخانة، إلى أن جاء دور المسجد، فتردَّد قليلاً ولكنه مضى وقرَّر بيع تذاكر دخول للسائحين والسائحات بالشورتات إلى بيوت الله.
ولم يبقَ في المدينة شيءٌ إلا بأجر عدا الهواء، فعاش الشعب فترةً من الزمن في ظلِّ الفقر المدقِع، لا يأكلون إلا الفول المسوَّس وما شابهه من الأغذية الفاسدة، ولا يشربون إلا مياهًا مخلوطةً بمياه الصرف الصحي والكيماويات.. كل هذا بشقِّ الأنفس فقط يتنفَّسون.
فقرَّر الحاكم ولهان بيعَ الهواء للشعب الغلبان، فاعترض أهل الحل والعقد بشدة، وقالوا: من واجبنا إيقاف المهزلة.
قال لهم: لكم الثلث ولي الثلثان.
قالوا: على البركة، ولكن علينا إقناع الناس.
قال: نسميها زكاة الهواء، وهي معروفة في الشرع الحنيف، وشيخنا على ما أقول شهيد.
فقامت وسائل الإعلام تهلل وتقول: قرَّر مولانا الحاكم تطبيق الشريعة الإسلامية وإحياء فريضة زكاة الهواء، على الرجل في كل يوم وليلة جنيهان، وعلى المرأة جنيه، وعلى الطفل نصف جنيه.
وامتنع الناس عن التنفس فماتوا الواحد تلو الآخر، فقرَّر الحاكم ولهان بيع أعضائهم لدول غنية، فعاد أهل الحل والعقد للاحتجاج، وقالوا: لن نوافق إلا بعد تحديد واضح لمعنى الموت، هل هو الموت الحقيقي أم الإكلينيكي؟! فقال الحاكم ولهان: هو الموت الذي يجلب المال!!
وصارت البلد قبلةً للحانوتية وتجَّار الأعضاء، وامتلأت الخزانة بالمال، وانتهت أزمة السكان، فقد خلت البلد من السكان إلا من الحاكم ولهان وأهل بيته، وأهل الحل والربط، والغربان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق