الجمعة، 28 أغسطس 2009

رسالة إلى كل ظالم

بقلم: عصام عبد الرحمن
﴿وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ (42)﴾ (إبراهيم).
يظهر في كل زمان ومكان فرعون- وما أكثر الفراعنة المتألِّهين!!- كل أفعاله تقول إنه الإله، يسن القوانين، ويعيِّن الوزراء، ويغيِّر الدستور، ويعيش في برجٍ عاجيٍّ كأنه الواحد الأحد، والعياذ بالله!! ويدَّعي أنه يعمل لمصلحة شعبه، نعم.. إنه لا يغفل ولا ينام، ليس عن قدرة.. ولكنه الخوف الذي ملأ قلبه من كل شيء، ولكن هيهات أن يَحيا حياةً طبيعيةً، إنه يخاف كلَّ شيء: زوجه وابنه وأقاربه، بالإضافة إلى هذا الشعب المسكين الذي ذاق مرارة الكبت والذلّ على أيدي هؤلاء المتألِّهين.

وهذا المتألِّه على الله يجمع حوله مرضى الأمة، من أمن دولة، وأمن مركزي، وغيرهم من الزبانية الذين لا يرقبون في مؤمن إلاًّّ ولا ذمةً، ويصبح لهذا المتألِّه آلهةٌ صغيرةٌ (أعوان الشيطان) حوله، تسبِّح بحمده، وتصلِّي له، وتنكِّل بالكفرة به، وكفى بوسائل إعلامه الذكية، التي لا تضيِّع فرصةً إلا وأظهرت ولاءَها التامَّ له ولأعوانه!!

وإذا أردت أن ترى النفاق الحقيقي فاجمع أعدادًا من إحدى صحفِه، فسترى العجب العجاب.. نفس الكاتب في زمانَين مختلفين لحدثٍ واحد، مرة يهاجم، وأخرى يسبِّح، استعجل في الأولى فهاجم، ولما تكلَّم سيده بعكس ما قال سَبَّح.. ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (96) إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (97)﴾ (هود)، ﴿الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104)﴾ (الكهف).

فهذا هو الحال لسحَرة فرعون في كل العصور، فهل تعي الدرس أيها الفرعون المتجبِّر؟! هل تعي عِظَم فَعلتِك؟ هل تعلم أيها الظالم عِظَم فَعلتك في بناء الله في أرضه؟ ألم تعلم ما ينتظرك من العذاب ما لم تسارع بردِّ المظالم، يقول تعالى في الحديث القدسي: "يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرَّمًا فلا تظَّالموا.." ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: ".. ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين".

فقد يرفع المظلوم يديه داعيًا الله أن ينصره ويردَّ الظلم عنه فتصعد دعوته وترجع على شكْل مصيبة يجدها الظالم في نفسه أو أهله أو ماله، فاحذَر أيها الظالم من أن تتركه يستخدم حقَّه فتخسَرَ في الدنيا والآخرة كيف؟! اقرأ هذا الحديث لعلك تصحو من غفلتك.

تخيَّل أيها الظالم هذا الموقف وقد أصبح مصيرك بيد هذا المظلوم، فما هي وسائل استرضائه التي ستستخدمها؟ ألن تكون مستعدًّا للتوسل إليه كما توسَّل إليك في الدنيا؟ ألن تكون ذليلاً بين يديه نادمًا؟ ألن تستخدم كافة عبارات الترجِّي والاسترحام والاستعطاف؟ تخيَّل.. وأجب إن استطعت!!

أيها الظالم.. ألم تمَلَّ يداك الضربَ على وجه المظلوم؟! ما حال يديك إذن؟! أظنها هي الأخرى تتألَّم، ألم تسمع أنَّاته تحت سياطك؟! ألم تشمَّ رائحة جسده تشيط بكهربائك؟!

أراك تتأذَّى لجراحه المتعفِّنة.. لا عليك، لا تنظر لألمِه.. لا تنظر لجرحه.. المهم أنت!! راتبك، عملك، أهلك، لا هو، فهو المشنوق أعلاه..

كل ذنبه أنه مصريٌّ وُلد هنا، شرب الماء الملوَّث وسكت، أكل الطعام المسمَّم وصمت، غَرِق أحباؤه في مياه البحر على سفينة السلام وصمَت، أ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق